منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش، تحولت قضية الصحراء المغربية من ملف نزاع سياسي إلى مشروع وطني متكامل يجسد تلاحم الدولة والمجتمع حول الثوابت الوطنية.
رؤية ملكية راسخة في جذور التاريخ، لكنها منفتحة على المستقبل، جعلت من الدفاع عن الوحدة الترابية قضية وجود وبناء في الآن نفسه، حيث أصبحت الصحراء اليوم قاطرة للتنمية الإقليمية ومجالًا لترسيخ الريادة المغربية في إفريقيا.
فقد أكد الملك في أكثر من مناسبة أن قضية الصحراء هي “جوهر الوحدة الوطنية للمملكة”، وأنها “قضية كل المغاربة”.
تحت هذا الإطار، لم تعد الصحراء مجرد ملف سياسي أو نزاع إقليمي، بل مشروع دولة متكامل يربط بين الدفاع عن الأرض وبناء المستقبل، وهكذا انتقلت المقاربة المغربية من منطق الصراع إلى منطق التنمية، عبر تحويل الأقاليم الجنوبية إلى نموذج في الجهوية المتقدمة، والعدالة المجالية، والتكامل الاقتصادي بين الشمال والجنوب.
وأبرزت الرؤية الملكية وضوح الموقف وحزم المبدأ في آن واحد، من خلال خطاب حازم يؤكد أن “الوطنية لا تعرف منزلة وسطى بين الولاء والخيانة”.
كما انتقلت السياسة المغربية في الصحراء إلى مرحلة جديدة من الواقعية والريادة على المستوى الدولي، حيث دعا الملك المنتظم الأممي إلى “الاعتراف بالعالم الحقيقي الذي يجسده المغرب في صحرائه، بعيدًا عن التصورات المتجاوزة”.
وفي هذا السياق، أصبحت قضية الصحراء بوصلة السياسة الخارجية للمملكة، ومعيارًا لقياس صدق الشراكات الدولية.
وقد أكد الملك أن ملف الصحراء “هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم”، ما جعل منها ركيزة أساسية في بناء التحالفات الإقليمية والدولية على أساس الوضوح والاحترام المتبادل.
واليوم، تعكس النهضة التنموية التي تعرفها الأقاليم الجنوبية تحت القيادة الملكية، تحول القضية من ملف دفاعي إلى مشروع ريادي، يقوم على التنمية، والاستقرار، والانفتاح الإفريقي.
وهكذا، تجاوز المغرب مرحلة انتظار الاعتراف الدولي بعدالة قضيته، إلى مرحلة فرض الاعتراف بالأمر الواقع المشروع، عبر نموذج وطني يجمع بين الشرعية والسيادة والنجاعة.
لقد نقلت الرؤية الملكية قضية الصحراء من شرعية الدفاع إلى شرعية التأثير، ومن رمزية التحرير إلى استراتيجية الريادة، مجسدةً بذلك فلسفة الدولة المغربية الحديثة التي تمزج بين الثوابت الوطنية والرؤية الاستشرافية لمستقبل مستقر ومزدهر.
